الجمعة، 20 سبتمبر 2013

لماذا إحباط البعض بعد تأجيل الضربة أو إلغائها ؟!

 

كتبت إحدى الصحف الأمريكية أنّ "كلّ السوريين قد تحوّلوا إلى محللين سياسين أثناء فترة توقعات الضربة العسكرية" .
وقد كان اللافت أن تحليلات الأغلبية تقريباً كانت ترى أنّ الضربة لن تأتي من أجل دماءنا التي مضى على نزيفها أكثر من سنتين ونصف،وإنما من أجل حسابات معقدة.
أما ما انقسمت حوله تلك التحليلات،فقد كان حول فائدة تلك الضربة للثوار والثورة.ففريق كان يراها في صالحنا،وفريق كان يراها لسرقة الثورة،وفريق كان يراها للقضاء على النظام والثورة معاً،وفريق كان يراها للقضاء على النظام والإسلامين في الثورة معاً.
إذاً،طالما أنّ الغالبية كانت متشككة من الضربة فلماذا حزن وإحباط البعض بعد تأجيلها أو إلغائها؟! ولماذا نقل تلك المشاعر المحبطة إلى الثوار؟!
هناك نتائج وحقائق اتضحت لدى الجميع بعد قرار النظام تسليم السلاح الكيمائي.ويجب علينا أن نراها مع قرار تأجيل أو إلغاء الضربة التي نعلم أن الكثير ممن كان ينتظرها من المعارضة،كان يرجو أن تسرّع إسقاط عصابة بشار،لا لأهداف أخرى:
1-لو أنّ النظام يهتم بمستقبل سوريا كدولة لعرض-ولو من باب المحاولة فقط-أن يتم تشكيل حكومة انتقالية يشارك فيها بعض رجاله،وأن يتم تسليم البلد بأسلحتها الموجودة لتلك الحكومة،بحيث لاتخسر سوريا أسلحتها الاستراتيجية،على أن يتم خروج آمن له.ولكنه أثبت للدنيا كلها أنه لايهتم بقوة سوريا ولابالممانعة ولا بالمقاومة،وأنّ هدفه الوحيد هو الاستمرار في حكم سوريا،ولو كنظام ميليشيات فقط .
2-لقد كنّا نُتهم من البعض أنّ أمريكا تقف في معسكرنا،ولو كلامياً فقط ، بينما تقوم عصابة بشار اليوم بالافتخار بتسليم سلاح سوريا الكيميائي للدولة التي تتهمنا بأننا عملاء لها !
3-لقد اتّهموا الثورة أنها أضعفت محور المقاومة والممانعة.بينما لامشكلة أن يقوموا هم بتسليم وتدمير سلاح رأس حربة هذه المقاومة والممانعة من أجل بقائهم ولو بدون ممانعة !
4-لم نكن نستطيع أنّ نجزم أنّ هناك مشروعاً ممنهجاً لبيع سوريا،رغم ماكنّا قد بدأنا نلاحظه في مناطق سوريا كلها من بيع أملاك عامة كاملة،ولكنّا اليوم تأكّدنا أنّ بلادنا كانت تُباع شبراً شبراً،وأنّنا كنّا سنصبح غرباء فيها لو لم توقظنا أصابع أطفالنا في درعا.
5-لم نكن نستطيع أن نجزم أنّ هناك مخططاً منظماً لبيع سوريا ثقافياً وفكرياً واقتصادياً لإيران،رغم ماكنّا نلاحظه مؤخراً من حملات "التشيع" وغيرها في كل سوريا،ولكنّا تأكدنا الآن أنّ ماكان يجري هو البداية لجعل سوريا ولاية إيرانية بامتياز!
6-كان يحزّ في نفوسنا أنّ الثورة قد أضعفت قوة سوريا كدولة رغم ضرورتها،ولكنّا تأكدنا الآن أنّ سوريا في عهد الوحوش لم تكن قوية يوماً،وأنّهم كانوا يجعلونا نعيش وهم تلك القوة لا أكثر.
نعم،فلقد كسبنا معنوياً على الأقل بعد قرار عصابة بشار تسليم أسلحة سوريا الكيميائية.فقد زادت ثقتنا بما لا يدع مجالاً للشك أنّنا على الحق منذ الدقيقة الأولى في الثورة،وأنّ واجب إسقاط أولئك المجرمون هو واجب شرعي ووطني وأخلاقي وتاريخي.وأنّ علينا الآن أن نزيد ونضاعف أضعافاً كثيرة كلّ عمل كنّا نقوم به لإسقاط تلك العصابة.فلابد -بعد سنتين ونصف-أن يكون كلّ منّا قد تعرّف إلى ثوار طيبين ثقات،يستطيع أن يطمئنّ أنّه يدعم الأشخاص الصحيحة بدعمه لهم .فإسقاط ذلك النظام المجرم والخائن معاً لم يعد ترفاً أو عشقاً في الحرية فقط،بل واجب يحيط بعنق كلّ منّا،ولامجال للتخلف عنه،وغداً سيسألنا الله عنه وعن الثورة،وماذا قدمنا لها.

محمد اللادقاني

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

هل هناك اتفاق أمريكي روسي أسدي حول الضربة المتوقعة ؟


في زحمة التحليلات والآراء حول الضربة القادمة للنظام،ربما لا يعنيني نقل وجهة نظري حولها، لأنّنا-ببساطة- كثوار غير صانعين لها،ولأنّ ترجيح أحدها لا يُفيدنا في شيء حالياً رغم أنّنا في مقدمة المتأثرين بها.
ولكن عندما يكون لأحد هذه التحليلات آثاراً سيئة على الثوار،فهنا لابد من الحديث عنه،خصوصاً عندما يكون تحليلاً عبثياً هدفه لايوصل لشيء سوى ضرب معنويات الثوار.
ظهر في الأيام القليلة الماضية تحليلاً يتحدث أنّ اتفاقاً سرّياً قد تم بين أمريكا وروسيا ودول إقليمية والنظام لضرب أهداف محددة وغير هامة بالنسبة للنظام لتحقيق هدف إعلامي من ذلك،بحيث تحفظ أمريكا ماء وجها به بعد أن أحرج اقتحام "الثور" الأسدي الهائج الخط الأحمر الذي وضعه أوباما.
كغيره من التحليلات،لم يكن هناك ما ينفيه تماماً رغم مايترتب عليه من آثار سيئة على معنويات الثوار.فالقول أن اتفاقاً بهذا المستوى من الخبث قد تم لتغطية جريمة النظام هو أمر خطير ستكون له آثار كبيرة على الثورة مستقبلاً،فهو يعني أنّ هناك توافقاً عالمياً على الجرائم التي تجري وستجري لنا،وبأنّ الموقف الأمريكي قد تطور من موقف التردد أوالتخوف من دعم الثوار أحياناً،إلى موقف الشريك بالجريمة والمبارك له، ليس بالصمت أو بمنع السلاح أحياناً فقط بل بالأفعال والتخطيط أيضاً .
ربما كان ذلك التحليل ممكناً إلى إنّ قام أوباما بإحالة قرار ضرب النظام إلى الكونغرس،مما دلّ بوضوح على أنّ ذلك التوقع قد أصبح مستبعداً جداً أو مستحيلاً .
ليس أوباما بالشخص البسيط أو العبثي كما يحبّ البعض أن يصوّره،وقد خرج الرجل وأكّد تورّط عصابة بشار باستخدام الكيماوي،ثم قام خلال أيام برفع وتيرة التهديد إلى ماوصلت إليه أخيراً،ثم فاجأ العالم بإحالة القرار إلى الكونغرس.
ولو كان الأمر مرتباً وهدفه إعلامي بحت،وكان أوباما متأكداً من عدم حصول أي نتائج عكسية لهذه الضربة، فلماذا يضع نفسه بهذا الموقف المحرج جداً الذي ضجّ به العالم،وسخر منه الكثيرين بسببه؟ولماذا لا يستفيد من تلك المسرحية-التي تعب في ترتيبها-كي يظهر أنه الرئيس القوي الذي يفرض قرارته التي لاتأتي إلا بالنتائج الرائعة والمضمونة؟ خصوصاً أنه يمتلك الصلاحيات كي يقوم بتلك الضربة دون الرجوع إلى الكونغرس.
ليس فقط نائب وزير خارجية النظام هو من سخر من أوباما بعد قراراه ذلك،بل سخر منه الكثير من الكتاب الأمريكين،وتناولته الصحف الإسرائلية بالسخرية اللاذعة أيضاً.فعلى سبيل المثال،كتب الباحث في الشؤون الأميركية أبراهام بن تسفي إن أوباما 'كلما تذكر بأنه حاصل على جائزة نوبل للسلام يتوقف عن العمل ويصاب بالشلل '. فلماذا يعرّض نفسه لكل ذلك إذا كانت الأمور مرتبة ومضمونة النتائج؟
ليس معنى ذلك أنّ نعقد الآمال على تلك الضربة،فأملنا بالله القوي،ولكن ليس من الجيد أن يشعر الثوار أنّ كل الدنيا تقف ضدهم،وفي وقت واحد،وأنّهم يواجهون العالم جميعاً بأسلحتهم البسيطة.خصوصاً أنّ هذا الأمر يخالف الكثير من الوقائع،رغم التخاذلات الكبيرة.

محمد اللادقاني