تُرى هل شاهد حزب إيران إصرار السوريين على إفشال الفتن الطائفية بينهم خلال عامين ،فظنّ أنّ رميه بثقله الكامل والعلني مع النظام لن يتسبب بحرب سنيّة-شيعية في المنطقة،أم أنّه ينفّذ أوامر صريحة لخلق فتنة طائفية صرفة بعد أن فشل نظام بشار بخلقها داخل سوريا !
إنّ موضوع الشيعة في لبنان مختلف عن العلويين في سوريا.فعلى مدى أربعين عاماً،والسوريون يراقبون ويعايشون يومياً أساليب وطرق النظام في التغلغل في سوريا،وتشيده لحجارته الطائفية فيها،وعندما بدأت الثورة كان يؤمن الكثير من السوريين أنّ النظام هو السبب الأكبر في العمل على تجنيد وتوريط الطائفة،وأنّه قام بذلك تحسّباً لمثل هذه الايام.كما كان لتورّط أشخاص كثر من الطائفة السنيّة والطوائف الأخرى مع النظام أثرّ كبير في ترسيخ ذلك،وتفكيك صورة الترابط الكامل بين النظام والطائفة إلى حدّ ما.فكان ذلك أحد الأسباب الهامة لإخماد الكثير من نيران مواجهات طائفية صرفة.
أما مدى ترابط شيعة لبنان مع حزب الممانعة فهو أمر لم يعايشه ثوار سوريا ولايعرفون مداه،ولن يستطيعوا أن يفرّقوا في أذهانهم بسهولة بين حزب الله من جهة،وبين مناصريه الشيعة في القرى التي يقوم الحزب باستهداف سوريا منها من جهة أخرى.كما أنّ الثوار لايملكون الأسلحة التي تسمح لهم بالتحديد الدقيق للنقاط التي ينطلق حزب إيران منها لاستهداف سوريا وأهلها.ومن الصعب أن تطلب من أشخاص يموتون ويموت أهلهم ألّا يرموا مابأيديهم من أسلحة على الجهة التي يأتيهم منها القتل والقتلة.
بالطبع نحن نحاول فهم وشرح الصورة،ولانتمنى للشرفاء من شيعة لبنان مالا نرضاه لأنفسنا،ولكن حزب الممانعة هو من يعمل على صنع صورة مستقبلية قاتمة،مالم يتوقف عن الجنون الذي يفعله بكلّ وقاحة.
والسؤال الآن:من بيده الحلّ؟
على شيعة لبنان أن يدركوا أنّ الخاسر الأكبر في كل مايجري سيكون هم،سواء في القريب من الأيام أو البعيد منها،فإيران البعيدة التي أعطت أوامرها لحزب الله لا تهتم بآثارها المدمرة التي من الممكن أن تجرّها على الشيعة العرب طالما أنّها قد تستفاد ولو بورقة سياسية واحدة من هذا الأمر.ولو أنّ الحزب بقي على دعمه لعصابات بشار في الخفاء لكان من الممكن القول ربما بأنّه يهتّم بمصير الشيعة أكثر من ولائه لإيران،ولكنّه قلب طاولة ممانعته،وأعلن أنّه إيراني بامتياز،أكثر من كونه شيعياً عربياً.لذلك نأمل حقّاُ أن نشهد ثورة شيعية وطنية داخل الطائفة الشيعية نفسها ضده،بعد أن أثبت بوضوح أنّه لايهتم لا لمصير لبنان ولا للشيعتها بقدر مايهتم بتنفيذ مصالح إيران،ولو كان ثمن ذلك رمي الشيعة وإقحامهم في صراع،لاناقة لهم فيه ولاجمل،مع إخوتهم وجيرانهم في سوريا،وجرّهم إلى دمار في الحاضر،وعزلة حقيقية في المستقبل.فمن المؤكد أنّ تحوّل الأمر إلى مواجهة سنية-شيعية بين عرب وعرب بأوامر لاعربية،والتجييش الطائفي لها،سيتسبب بويلات على كلا الطرفين،سيكون الطرف الشيعي العربي هو الخاسر الأكبر سواء رمت إيران بثقلها أو بنصفه.
كما يبدو أنّه على القوى اللبنانية أن تدرك أنّ هذا هو الوقت الصحيح كي تضع أيديها بأيدي عقلاء الشيعة لنزع فتيل الطائفية داخل لبنان قبل خارجها ،والذي أشعله حزب الممانعة ورماه خارج حدوده،مصدقّاً ربما سايكس بيكو بأنّها حدود حقيقية،وبأنّ إشعال النيران خارجها سيحميه من لظاها !
محمد اللادقاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق