منذ فترة ليست بالقصيرة ونحن نستمع لتصريحات ووعود تتعهد بتقديم دعم كبير ونوعي من السلاح إلى "المعتدلين" من الجيش الحر؛في الوقت الذي يراقب العالم التقدّمات المميّزة للثوار على الأرض،والتي يشهد العالم على بطولة وشجاعة أصحابها.
وبعيداً عن التكهّنات بصدق هذه الوعود واحتماليات تنفيذها كلياً أو جزئياً،فإنّ علينا أن نهتم بما قد تسببه من آثار محتملة في حال تم تنفيذها بشكل واضح.
ربما ليس من الصحيح لوم الدول الغربية على نيتها دعم الجهات التي تظنّ أنها ترتاح لها،ولكنّ السيء في الأمر هو ذلك الطوفان الإعلامي الذي يتحدّث ليلاً نهاراً عن تفضيل "المعتدلين" وحصر التسليح بهم،والتحذير من "المتشددين" لدرجة قد توحي للبعض بأنّ هذا السلاح سيُقدّم لمحاربة هؤلاء "المتشددين" قبل محاربة النظام،ولدرجة جعلتنا نستخدم هذه المصطلحات والتصنيفات،ونتعاطى معها.
بالتأكيد ستسبب هذه الأمور حساسيات لاترقى -إذا تُركت وشأنها- لدرجة تجعلنا نخشى كثيراً،ولكن مالا يغيب عن بالنا أنّنا نواجه نظام قد تمرّس بإشعال الفتن والشرّ والخبث على مدى أربعين عاماً،ليس على نطاق محلي فقط ،بل وإقليمي ودولي أيضاً،وبالتالي فإنّه لن يسمح لمثل هذه الفرصة أن تمرّ دون أن يستغلّها في محاولة إلقاء الفتن وممارسة خبثه.
بالتأكيد سيستغلّ النظام هذه الظروف لخلق فتن وتمثيليات تحرّض "المتشددين" على "المعتدلين"،والعكس طبعاً.وذلك على أمل أن يخلق خلافات أونزاعات تشغل الثوار وتضيّع هدفهم الأول في إسقاط العصابة.ومناقشة هذا الافتراض ليس لقلة الثقة بوعي الفئات المقاتلة،ولكن بسبب ثقتنا اللامحدودة بمهارة النظام وتمرّسه في خلق الفتن.
بالطبع ليس رفض التسليح هو الحلّ،في الوقت الذي يراقب العالم كلّه الدعم الكبير الذي يتلقاه بشار وعصابته،ويالتأكيد فإنّ الدول الأخرى لن تفهم مجتماتنا أكثر منّا.لذلك لابدّ من إيجاد إجراءات داخلية تخرج من صفوفنا،ومن جميع من يقف في صف الثورة ويخاف عليها للعمل في سبيل قتل أيّة اسباب أو بوادر فتن قد تقع،لاقدر الله.وعلى كلّ من يخشى على الثورة أن يجتهد في اقتراح وتنفيذ مايراه يخدم هذا الهدف.وهنا بعض الأفكار التي ربما تكون مفيدة:
1-إصدار تعهدات ومواثيق شرف من قبل قيادات وأفراد الجيش الحر التي من الممكن أن يتوّجه إليها الدعم مباشرة تتعهّد فيه بشكل واضح،بأنّ أيّ سلاح قادم،ومن أي جهة كانت،لن يكون إلا لتحرير الوطن والدفاع عنه وبأنّه من المستحيل أن يُرفع ضد أخوة الثورة والتضحية في يوم من الأيام،مهما وقعت خلافات فردية أو فكرية.وطبعاً يتوجب صدور بيانات وتعهدات من التيارات الأخرى-المتشددة في العرف الدولي- بهذا الخصوص لاتقلّ صراحةً ووطنية.وليس من الضروري أن تكون هذه التصريحات إعلامية بالقدر الذي يجب أن تكون حقيقية وتحقق هدفها.
2-نشر تحذيرات بشكل واسع بين الجميع،وخصوصاً الكتائب المقاتلة،من الانجرار إلى أية أمور أو حوادث من الممكن أن يختلقها النظام لخلق فتن هنا وهناك.
3-إنشاء لجنة من قبل شخصيات وطنية وإسلامية مقبولة لدى الجميع،ومشهود لها بالوطنية والنزاهة والصدق من قبل "المعتدلين" و "المتشددين" على حد سواء،بحيث تكون جاهزة ومهيئة للوصول إلى أيّ مكان تحدث فيه بوادر من ذلك النوع،لاقدر الله،وأن تكون قادرة على التواصل مع الجميع بسبب مصداقيتها وقربها من الجميع،وأن تبدأ فوراً .
وحدة الصف الداخلي هو مايجب أن نبقى نرعاه بأعيننا،فقد ثبت لنا خلال عامين أنّه لايشعر بالجراح إلا صاحبها.
محمد اللادقاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق