الاثنين، 27 مايو 2013

إلى جنيف 2 ...بسقفٍ عالٍ فقط


يبدو بوضوح أّنّ الدول الكبرى قد قررت دفع -أو إجبار- النظام والمعارضة معاً للذهاب إلى جنيف 2؛حيث تعتبره بداية لنهاية المرحلة الحالية.
النظام فهم مايجري ،فسارع إلى مراوغة واضحة بإعلانه الموافقة على المشاركة في جنيف2  "من حيث المبدأ "،وأزال بذلك عن كاهله الكثير من الضغوط ،وأظهر نفسه أمام العالم،وكأنّه يريد حلاً.على الرغم أنّ بشار مازال متمسكاً بالكرسي إلى آخر رمق.وهذا ما لن يتغير طبعاً.فمن غير المتوقع من شخص كان أقرب إلى البلاهة،ثم تمّ استقدامه ليحكم بلداً كسوريا،ثمّ بقي يستمع إلى كلمة (منحبك) 11 عاماً، وهو -كما يبدو- مصدقاُ لها ؛من غير المتوقع من شخص كهذا أن يقبل بخروج يختلف عن خروج القذافي،لأنّه ببساطة لايقلّ جنوناً عنه.
ورغم ذلك فقد قبل نظام بشار أن يذهب لجنيف2 ،ولكن بسقف عالٍ جداً،لا يتحدّث عنه حالياً.فهو يريد  البقاء حتى 2014؛والترشح لفترة ثالثة،وتريد روسيا إبقاء أتباعها من نظامه الحالي ضمن أيّ تشكيل مستقبلي.
يبدو أنّ الائتلاف لن يستطيع رفض الذهاب إلى جنيف 2 .ورفضه سيضعه بمرمى الاتهامات والضغوط فوق العادية من قبل الأصدقاء قبل الأعداء.والمقلق،في حال قرر الائتلاف الرفض،أنّ يتمّ تركيب تشكيلة ضعيفة منه ومن خارجه للتفرّد بقرار الذهاب إلى جنيف،وحدوث أمور كثيرة هناك من فوق أو تحت الطاولة.بالإضافة إلى إمكانية حصول شق وشرخ في الائتلاف والمعارضة،والذي نحن حالياً في غنى عن تصديع رؤسنا به.
ربما يكون الأفضل في مثل هذه الظروف أنّ يتم التوافق على الذهاب إلى جنيف2 بسقفٍ عالٍ،لايقلّ عن سقف الثورة،ورسم خطوط عريضة وواضحة للوفد الذي سيذهب إلى هناك،بعد أن يُتفق على تلك الخطوط من قبل المعارضة والثوار معاً.وذلك بشكل مشابه لما قرر النظام الذهاب به،مع فارق الشرف طبعاً.وبالتالي فلا أحد سيضع اللوم على المعارضة بسبب سقفها العالي،والذي ليس بعيداً عن المواقف الحالية للكثير من الدول التي تضغط عليهم للذهاب إلى جنيف 2.كما أنّ الأرجح أن يكون مصير جنيف 2 هو الفشل،لأنّ بشار وبكلّ تأكيد لن يرضى بشبح فكرة التنحي،والمعارضة لن تستطيع أصلاً أن تتنازل عن سقف مطالبها،الذي لم تضعه هي أصلاً،وإنما قرره الثوار،وعدم مقدرتها على إقناع الثوار بأيّ قرارت تتخذها سيجعل الدول الهامة أوّل من سيقوم بتهميشها.وذلك طبعاً مع العلم أنّ رغبة كل ثائر أن يتم نجاح هذا المؤتمر بتحقيق مطالب الثورة،التي أصبحت معلومة للصغير قبل الكبير:رحيل بشار وجميع أركان نظامه.وكلّ ماعدا ذلك فمكن الممكن إعمال السياسة،والأخذ والردّ فيه.

محمد اللادقاني

السبت، 18 مايو 2013

الحذار....الحذار من لعبة روسيا في جنيف 2



لا يذكّرني مايجري من أخذٍ وردّ بين روسيا والأطراف الأخرى قبل المؤتمر المنتظر بين المعارضة والنظام،إلا بما يتعلّمه التجار منذ صغرهم ويداومون على ممارسته.فالتاجر الخطير يقوم بتقديم عرض سعره للزبون بعد أن يكون قد أضاف على تكلفة بضاعته ربحاً (اعتيادياً)،وربحاً آخراً (احتياطياً).فعلى افتراض كانت تكلفة القطعة 100 ليرة فإنّه يضع ربحاً اعتيادياً قدره 40 ليرة،وربحاً احتياطياً قدره 20 ليرة.وعندما يبدأ التفاوض مع الزبون فإنّه يسمح لنفسه بالخصم من الربح (الاحتياطي) فقط، بينما يوحي للزبون بأنّه يقوم بالخصم من الربح (الاعتيادي)،إكراماً للعشرة والجيرة و(بيعة آخر الليل).وفي حال كان الزبون صعب الإرضاء،فعندها يقوم التاجر بخصم الربح الاحتياطي كاملاً،بعد جولات من مناورة،وذلك كي يفرح الزبون بهذا،ويظنّ في قراراة نفسه أنّه قد انتصر وحصل على سعرخيالي،فيندفع لشراء تلك القطعة،وينسى السعر الحقيقي،ونوعية البضاعة.
هذا بالضبط ماتقوم به روسيا حالياً.حيث يبدو أنّ ربح روسيا (الاعتيادي) الذي تريده ،هو الحفاظ على الكثير من أركان نظام بشار كي تحفظ بهم مصالحا ونفوذها،بينما ربحها (الاحتياطي) هو بقاء بشار الأسد نفسه في السلطة.وهي تقوم بوضوح حالياً بالمناورة في ربحها (الاحتياطي) هذا،فنراها تصرّح أحياناّ تصريحات غامضة ك (نحن غير متمسكون بأشخاص)،بينما تدافع عن بقائه في مواضع أخرى،وذلك من باب المناورة،كي لاتُغلق باب التفاوض على (رحيل بشار) بسبب رفض المعارضة القطعي لبقائه.وكلّ ذلك يصب في اتجاه تلك المناورة،بحيث تشغل العالم والمعارضة والسوريين بذلك،مع محاولة إعطاء بشار دفعات قوة في هذه الأيام،بهدف دعم مساومتها عليه،إلى أن يأتي موعد المؤتمر،وتبدأ المفاوضات،وتُعلن روسيا حينها أنّها مستعدة للتخلي عن بشار شرط أن يبقى الكثير من أركان نظامه،واهمةً أنّها ستجعل المعارضة والسوريين يعتقدون أنّهم قد حققوا مكسباً كبيراً برحيل ذلك المجرم ،وبأنّ حجم هذا التنازل من قبلها سيوهمهم أنّهم قد ربحوا المعركة،لينساقوا للحلّ بعد أن أنساهم ماجرى أنّ الأهم من رحيل بشار هو رحيل أركان عصابته وشبيحته،الذين هم أشد خطراً على سوريا وأهلها من ألف أهبل كبشار الأسد.
رحيل بشار وأركان نظامه مطلب واحد لايجب تجزئته من قبل أي طرف،وإلّا فإنّنا مقبلون على ماهو أدهى وأمرّ،وذلك بدخول البلاد في صراعات وانتقامات وحشية في حرب داخلية باردة.وإنّ رأي الثوار واضح بعدم القبول إلا برحيل بشار وكافة أركان نظامه ممن شرب من دمائنا خلال عامين،ولن تمر ألاعيب تجار روسيا،فالثوار سيُسقطون أي معارضة تقبل بفصل بشار عن أركان عصابته.و،هذا الشرط يجب أن يبقى العنوان الأول،سواء قبلت بعض أطراف المعارضة الدخول في المؤتمر أم رفضت،وهو مايجب أن تبقى مصرّة عليه،لأنه لاخيار لديها غيره.

محمد اللادقاني

السبت، 4 مايو 2013

نحن شركاء في دم أهلنا


                                      


يالله.....يالله.....نُقتل،ونُحرق،ونُغتصب،ونموت،ونموت،ونموت،ولايشبعون من دمنا.....نتعب من صور القتل،ولايتعبون من صناعته.........ننام على أمل أن تكون آخر مجزرة،ويستيقظون على أمل أن يصنعوا المجزرة.
ليسوا هم وحدهم المجرمين،فنحن شركاء معهم....نعم والله،ليست مبالغة ولا بلاغة،بل هي الحقيقية....فنحن شركاء في قتل أهلنا.
شركاء،عندما نترك مجالاً للنقاش والخلاف حول موعد بداية الثورة،ونفتح باب الحساسيات بين أبناء مدننا !
شركاء عندما نعطي تعليماتنا لمن يعملون معنا على الأرض ألّا يرسلوا الفيديوهات والأخبار إلّا لمجموعتنا أو صفحتنا،بل ونهددهم إن خالفونا !
شركاء،عندما يحارب إعلاميُ في الثورة إعلامياً آخر خوفاً أن يظهر على التلفزيون أكثر منه !
شركاء،عندما لانرضى إلا أن نموّل الكتائب التي يتبع ولاءها لنا،دون أن نسأل من هو على خط التماس الآن،ويستحق الدعم حقاً !
شركاء عندما نسمح لخلافاتنا السياسية أن تنعكس على أبطالنا الأحرار الذين خرجوا لتحرير سوريا !
شركاء،عندما نسمح لأنفسنا أصلاً أن نبني "ولاءات" بين الثوار المقاتلين !
شركاء،عندما ندافع بكل شراسة عمياء عن أحبابنا أو أقاربنا إن اختلف معهم أحد،ونقف معهم،حتى لو كان الطرف الآخر أقرب لخير الثورة والثوار منهم !
شركاء عندما نكون مستعدين لتشويه تاريخ وسمعة أحدنا،كي لايقفز ويأخذ كرسي تافه ،كانت عيننا عليه،حتى وإن رأينا أنّه من الممكن أن يُفيد الثورة !
شركاء لأنّ بعضنا ينهش في لحم أخيه بمجرد أنّ الله قد أختصه ببعض المواهب دونه !
شركاء،عندما نستخدم صفحات وتنسيقيات الثورة للتشهير بأخطاء بعضنا،بدل النصح فيما بيننا !
شركاء،عندما نهتم بأنّ يكون نشرنا للفكرة أو المقالة حصري في صفحتنا المبجلة،ونرفض أن ينشرها مكان آخر،حتى ولو كانت الفكرة مفيدة للثورة وسوريا.
شركاء،عندما نبرر أخطاء من هو من "جماعتنا"،ونشنّع خطأ من هو ليس من "جماعتنا" !
شركاء عندما نرضى بمشاهدة أعدائنا مجتمعين على الباطل،ونحن مفترقين على الحق !
شركاء عندما ننظر للثورة على أنّها فرصة يجب علينا استغلالها ليسجل التاريخ بطولاتنا الوهمية !
شركاء،عندما نظنّ أنّ الثورة هي ثورتنا وحدنا،وكلّ ثائر آخر تلميذ في مدرستنا الثوريّةّ !
شركاء عندما نرى أنّ رأينا الصواب دائماً،ولانناقش ولانستمع لغيره !
شركاء عندما نضع مصلحتنا أولاً،ثم مصلحة الثورة ثانياً،ظنّاً منّا بأنّ هذا "تذاكي" يدلّ على عقول ثورية فذّة.
شركاء عندما نعلم أنّنا قد أخطأنا في رأي يخصّ الثورة ،ومع ذلك لانغيّره خوفاً على سمعتنا الثورية !
شركاء عندما نتحدث،ولو نصف كلمة،بإقليمية ضيقة عن مدينة أخرى،ولاندري ماذا قد تفعل تلك الكلمة في نفوس الآخرين !
نعم نحن شركاء؛ولكنّ الفرق بيننا وبين أولئك الذين غرقوا في بحر دمائنا أنّ طريق عودتنا مازال مفتوحاً،وما زال أمامنا هامش صغير كي نستيقظ،ونصحح،ونقتص من قتلة أهلنا.....مازال أمامنا وقت يتضاءل كل ثانية،كي نراجع حساباتنا،ونرصّ صفوفنا،ونصحح أخطاءنا،ونعمل بأقصى طاقتنا لأجل ثورتنا،وكي ندرك ونخبر من حولنا،أنّه لامجال  أمامنا إلا أن نكون معاً،ونناضل معاً،ونقاتل معاً،ونستشهد معاً ،وننتصر معاً،أو أنّ السكين ستأتينا قريباً،ولكنّها لن تكون كالتي قتلت شهداءنا،بل ستكون مسنونة بشهوتنا وحمقنا ونرجسيتنا وقبحنا وحبنا للظهور ،وستجعلنا نخسر الآخرة قبل الدنيا.
اللهم أعنّا على أنفسنا حتى نستحق نصرك الذي وعدت.

محمد اللادقاني