ربما رأى أغلبنا خلال اليومين الماضيين حملة (معاً لترشيح معاذ الخطيب رئيساً لسوريا ضد الأسد ).وربما أعجب بعضنا الأمر،خصوصاً مع عدد الإعجابات بصفحة الحملة التي بلغت الآلاف خلال يومين فقط .غير أنّ تدقيقاً بسيطاً بالأمر سيتبيّن لنا سرعة انجرار بعضنا لأمور هي جميلة في ظاهرها،خبيثة في باطنها وأبعادها.
أفهم أنّ حبّ أغلبنا ليصبح أحد الثوار رئيساً هو مادفع البعض لعمل (لايك) للصفحة،وربما للمشاركة بهذه الحملة الافتراضية.لذلك من الجيد أن نأخذ هذا الأمر كمثال لنحذر من أشياء مشابهة له في المستقبل.
الجميل الذي شجع البعض هو أن نصبح بلداً يستطيع ترشيح من أراد بحملات ودعوات،بغض النظر عن الشخص،ولكنّ الخبيث في الأمر أن هذه الحملة تجعل الثورة تبدو وكأنها تحوّلت إلى معارضة تطالب بكرسي الرئاسة لشخص أعجبها ضد رئيس لم يعجبها،بينما هدف الثورة-أي ثورة- هو قلب نظام الحكم ،لا المشاركة في انتخابات ننافس فيها من قتلنا خلال ثلاثة أعوام،حتى وإن فاز معارضٌ ما ؟!
الثورة قامت لتطيح ببشار الأسد وعصابته،وعندما يتمّ هذا الأمر،سواء بحلّ سياسي أو عسكري يأتي دور الترشيحات ويبدأ المرشحون بالتنافس؛ومجرد طرح فكرة تقديم مرشح آخر مقابل الرئيس الحالي(المجرم) سيجعل الأمر يبدو وكأنّه تقديم مرشح للثوار مقابل رئيس حالي يمثل فئة أخرى.أي اعترافاً ضمنياً من قبل كلّ من تضامن مع هذه الحملة بأنّه يحق لبشار الترشح، وكأنّه ليس مجرماً بل رئيساً "ضعفت شعبيته" بسبب أخطائه ،لابسبب جرائمه.وكأنّ الثورة في نهايتها ستعطي هذا المجرم شرعية،لم تكن له قبل الثورة أصلاً،بعد أن وصل للرئاسة بالتوريث، وليصبح مرشحاً رئاسياً خاسراً في انتخابات رسمية شهد لها معارضوه أنفسهم بقبولهم بها وطرحهم لمرشحهم،بدل أن يكون رئيساً مخلوعاً مجرماً.مع يقيني أنّ الانتخابات ستزوّر لصالح بشار.
هذا باختصار خبث هذه الحملة،ولا أجزم بخبث نيّة أصحابها،وإن كان التوقيت يدعو للشك.كذلك لا أدري إذا كان الشيخ معاذ متعاون مع هذه الحملة أم لا، وإن كنت أُحسن الظنّ به أيضاً.وسواء كان ذلك أم لا فعلينا أن نعمل على إيقافها بوعينا لخطورتها،وعدم نشرها أو حتى الإعجاب بصفحتها.وأرجو حقاً أن يكون الشيخ معاذ قد أدرك خطورة هذا الأمر،وأن يعلن عدم دعمه لها،ويدعو إلى إيقاف صفحتها،أو على أقل الأحوال أن تُعلن هذه الحملة ثوريتها الحقيقية،في حال تم الإجحاف في حقها،وأن تغيّر اسمها وهدفها بأنّ تصبح على سبيل المثال (معاً لترشيح معاذ الخطيب رئيساً لسوريا بعد خلع الأسد )،وهذا يكفي.
علينا أن نقتنع تماماً ونفهم إخوتنا بأنّ الورقة الانتخابية (الافتراضية) التي تظنّ أنك ستخدم سوريا وربما الثورة باختيارك للخطيب من خلالها،هي صك غفران لبشار بمجرد طباعتها فقط ؟!فما بالك إذا صوّتت عليها !
محمد اللادقاني