يتحدّث الكثير من الثوار بأنّ العالم كله شريكٌ في قتلنا؛فبعضه يقتلنا بمشاركته ودعمه للنظام،وبعضه الآخر في صمته العجيب ضد فظاعة إجرامه.
روسيا وإيران بالطبع من شركاء النظام المباشرين بالقتل،والاختلاف بينهما يكمن بأنّ دعم روسيا للنظام هو لأجل الحفاظ على مصالحها وربح بعض المكاسب،بينما إيران تعتبر قضية النظام في سوريا هي قضيتها وتعتبره امتداداً لها،وهنا جوهر الاختلاف الذي يجعل روسيا مستعدة لبيع بشار بين ليلة وضحاها.
إنّ تضارب تصريحات روسيا وتناقضها يتبع لاختلاف القراءات اليومية القادمة من أرض سوريا،فالنظام الروسي يبحث عن صفقة بشكل يكسب أي شيء ولو كان ثمنه دماء السوريين،والتي هي آخر همه.
كان موقف رئيس الائتلاف الوطني تجاه روسيا جيداً ويرسل رسالة قوية بأنّ الثورة تتقدم وكلمتها هي القادمة بإذن الله،وبأنّ أهداف الائتلاف مصدرها الثوار،ولكنّ ذلك لايعني أن نتمسك بهذا الموقف طويلاً،ونترك روسيا تذهب أكثر مما هي عليه حالياً في دعم بشار.
الجيش الحر يتقدم ويفرض سيطرته،ويبدو أنّ الحسم له بإذن الله،ولكن في المقابل يرتكب النظام مآسي ومجازر في كل ساعة،تفرض علينا محاولة المساعدة في إسراع الحسم،سواء بتأمين سريع لدعم قوي ونوعي للجيش الحر أو بإضعاف الدعم عن جيش بشار.وبما أنّ صعوبات تواجه التنفيذ الكامل للخيار الأول حالياً،فلابد من عملنا على الخيار الثاني من خلال تسوية ما مع روسيا،على شرط أن يكون ذلك بسقف الثورة نفسه الذي أعلنه الثوار،وبعدم القبول بأية تسوية من الممكن أن يكون فيها بشار وأفراد عصابته.
للأسف نحن مضطرون لتمرير مصالح البعض والقيام بتسويات مع البعض،سواء أردنا ذلك أم لم نرده،وسواء كانت هذه التسوية مع أطراف من أنصار النظام أو من معسكر أصدقاء سوريا،فنحن لانستطيع الوقوف في وجه العالم كله،والذي يعتقد الكثير من الثوار بأنّه-كلّه-شريك،بشكل ما،في قتلنا.وبالتالي لايهم مع أيّ طرف كانت هذه التسوية طالما أنّنا متمسكون بمبادئ الثورة وسوريا،وطالما أنّنا لانقدّم تنازلات سيادية أو وطنية،وطالما أنّه لا أحد يقدّم لنا شيء دون مقابل حالي أو قادم كما يقول الكثيرون.وهذا يحتاج لفهم دقيق من الأخوة المتحدثين حالياً باسم الثورة.
ليس خطأً أن يتوجّه الشيخ معاذ وزملائه إلى أيّ مكان،وأن يتحدثوا ويتفاوضوا مع أيّ أحد،طالما أنّهم متمسكون بأهداف الثورة،وملتزمون بقضيتها،وطالما أنّ الثوار يقفون بجانبهم،فإنّهم الآن يتحدثون باسم ثورة عظيمة تتقدم نحو نصرها،ويستطيعون أكثر من أي وقت مضى التحدّث بثقة،وفرض ماتريده الثورة،مع بعض المناورات،فالهدف إيقاف دماءنا والتخفيف من مآسي أهلنا بالإسراع في الحسم قدر المستطاع،وليس هدفنا الحسم فقط.والذي نرجو الله أن يجعله قريباً.
محمد اللادقاني