الاثنين، 26 نوفمبر 2012

إلى الجزيرة وأخواتها


بالطبع نقدّر عمل قناة الجزيرة والعربية وغيرهما في نقل صوتنا ومعاناتنا وبطولات أحرارنا للعالم.ولكن يتوجّب علينا أن نطلب منهم ومن مراسليهم ألّا يرجّحوا أحياناً كفّة السبق الصحفي ودقّة المعلومات التي يقدّموها على مصلحة الثورة والسوريين.
منذ أيّام قليلة تحدّث تقرير في قناة الجزيرة عن عملية خاصة قام بها الثوار في الحجر الأسود،وقاموا بمرافقة شباب الجيش الحر فيها وتصويرها،وأشاروا إلى هامش الحركة التي يتمتّع بها الجيش الحر في تلك المنطقة.وفي اليوم التالي تماماً لعرض هذا التقرير تمّ قصف الحجر الأسود بوحشية لعدة أيام متواصلة.الأمر الذي يدفعنا أن نقف ونفكّر كثيراً في ذلك .
أليس خطأً كبيراً أن يتم ذكر اسم منطقة محدودة بعينها في مثل تلك التقارير؟وماهي الفائدة من الإمعان في التحديد بدلاً من ترك اسم المكان مجهول نسبياً؟!
كان بإمكان صاحب التقرير أن يقول أنّ هذه العملية قد تمّت في إحدى المناطق الثائرة،أو في أسوء الأحوال أن يذكر أنها كانت في إحدى مناطق غوطة دمشق،ولكن أن يتم ذكر اسم الحجر الأسود صراحةً فهذا شيء يجب التحذير منه بشكل كبير.وعلى الأخوة في الجيش الحرّ أن يشترطوا عدم ذكر المناطق وتحديدها في مثل تلك الحالات.
نعلم بالتأكيد أنّ النظام يعلم ويُحصي المناطق التي فقد سيطرته عليها،ولكنّ ذلك لايعني أنّه لا يجهل درجة انتشار الجيش الحر في تلك المناطق وكئافته فيها،وبالتالي فإنّ إخباره إعلامياً بأنّ الجيش الحرّ ينتشر بشكل كبير في منطقة محددة سيتفزّه ويدفعه لضرب تلك المنطقة بكلّ وحشية لظنّه بأنّه سيكسب جولة إعلامية أمام مؤيديه أولاً،وأنّه سيضرب تجمّع مميّز للجيش الحر في تلك المنطقة ثانياً.
أمرٌ مشابه قد حصل منذ أيام عندما قامت قناة سكاي نيوز بجولة في جبل التركمان في اللاذقية وعنونوا لتقريرهم باسم (الجيش الحر في جبال اللاذقية يتحضّر لمعركة حاسمة)وانتشر التقرير بشكل هائل.وقد تمّ الإيضاح فيه أنّ هذا التحضير يجري في جبل التركمان بالتحديد.وبعد أيام قليلة جاءتنا أخبار حشد النظام لأقذاره بأعداد كبيرة وتوجهه إلى جبل التركمان.ولكنّ والحمد لله فقد أبدع الأبطال هناك وقلبوا الموازين،لدرجة أنّي شككت أنّهم أرادوا ذلك لاستدراج شبيحة بشار إلى الجبل.
بغض النظر عن نتيجة ذلك هناك،ولكنّ الاستدلال واحد،وربما قد يحدث ذلك في حالات مشابهة ويتسبب في خسائر كبيرة،أو على الأقل قد يحرم الثوار فرصة المبادرة ويضعهم في حال ردّ الفعل بدلاً من أن يفرضوا هم توقيت المعركة ومكانها ويُكملوا تحضيراتهم.
سأذهب بعيداً وأطالب بتحرك قويّ من جميع التنسيقيات والناشطين والناطقين باسم الثورة للتنبيه إلى هذا الأمر،وكذلك نطلب من الأخوة في الجيش الحرّ أن يكونوا حذرين جداً في مثل تلك الأمور من أجل المدنيين في تلك المناطق ومن أجلهم هم كذلك،ونقول فعلاً للقنوات والإعلامين وحتى شباب الفيس بوك والصفحات بأن تنصروا الجيش الحرّ بصمتكم.

محمد اللادقاني

 

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

هل ننتظر حكومة عميلة ؟


المقياس الذي نستطيع من خلاله توقّع درجة وطنية التشكيل الجديد أو غيره هو مدى التزامه قولاً وعملاً بمطالب الثورة كاملة من لحظة تشكيله حتى إسقاط النظام،وليس من خلال تصاريح أمريكا أو غيرها بقبوله ،لأنّ ذلك لايعني بالضرورة أنّه تشكيل غير وطني أو متآمر مع أيّ جهة كانت.وسنستطيع بعد أيام قليلة من الآن رؤية أمرين سيساعدانا في تصوّرنا حول هذا التشكيل،وهما،أولاً:تعهّده وتأكيده بالالتزام بمبادئ الثورة كاملة وبأنّ التنازل عن أيّ منها سيفقده أي شرعية،وثانياً:أسماء الشخصيات المشاركة فيه ومدى قربها للثورة والثوار حقاً،ومدى ثقة الثوار بها من خلال تاريخها قبل وبعد الثورة،وقدرتها على إقناع الحاضرين بمشروعها هناك.فالحقيقة أنّ هذين الأمرين هما مانستطيع معرفتهما حالياً،أما مستوى التزام الهيئة بذلك فهذا ماستحدده الأسابيع والأشهر التالية،ومن الظلم الحكم عليها سلفاً.
لنتوقف عن اتّهام بعضنا بصفات الخيانة والعمالة لأيّ سبب كان،فهذه طريقة تعامل النطام مع الأمور وليست طريقة ثوار يجمعهم مطلب حقّ واحد ،فأمريكا نفسها قد صرّحت العديد من التصريحات تحيي فيها الثوار وتتلفظ بعبارات الدعم لهم.فهل أصبحنا حينها عملاء لأنّ أمريكا أطلقت تصريحاً في صالحنا ونحن أصحاب الحقّ؟وهل أعطتنا تصريحاتها هذه سلاحاً نوعياً أو جعلتها تقف بحزم حقيقي ضدّ قاتلنا؟لنعلم جيّداً أنّ أمريكا تحكمها مصالحها لامصالحنا،وساستها ليسوا مجبرين على الدفاع عنّا،بينما ساستنا الجدد يتهافتون على كرسي هنا أو هناك،وعلينا ألّا نجعل تصريحاتها تمزّقنا في الوقت الذي من الممكن أن تتراجع عنها بكلّ بساطة.
الجميع متفقون على أن المجلس لم يستطع تحقيق أهدافه والقيام بمهامه بشكل جيد لأسباب كثيرة،رغم وجود الكثير من الشخصيات الوطنية فيه،والبعض الآخر يرى أن الميزة الوحيدة للمجلس كانت في التزامه الكامل بمطالب الثوار وعدم مساومته عليها.
وفعلاً فقد لاحظنا جميعاً تلك الميّزة وشكرناه عليها.ولكنّ السؤال الذي نطرحه:هل كان يملك المجلس خياراً أخر؟
أظنّ أنّ التصدّع  الداخلي كان سيمزّق المجلس قبل أن تمزّقه أقلام ونداءات الوطنين والأحرار من المعارضة وقبل أن تُسقطه هيئات وهتافات الثوار؛ولا أظنّ أنّ ذلك يغيب عن بال الهيئة أو التشكيل الجديد،ولا أطنّه يمتلك قداسة تجعله يظنّ أنّه في حصانة من ذلك.
نعم لايمكننا أن ننزع كلّ مسببات القلق داخلنا،ولكنّا في الوقت نفسه،نسأل:إلى متى سننتظر؟!وهل من الصحيح أن نعمل على إفشال هذا التشكيل وننتظر إلى أن يأتي أشخاص جُدد بمبادرات جديدة واجتماعات جديدة لكي يقوموا بمحاولات جديدة ؟
لا أريد أن أكون متفائلاً كثيراً،ولكنّ حتى تصريحات المخوّفين من هذا التشكيل كانت شيئاً جيّداً،حتى وإن أخطأ أصحابها في درجة الاتّهام،فقد عملت وستعمل كجرس إنذار يّخبر جميع الأطراف بأنّ الثوار ومفكريهم ووطنيهم موجودون،وبأنّهم لن يسمحوا أن يلتفّ على أهداف وبدهيات الثورة كائناً ماكان.
نرجو حقّاً أن يبتعد المجلس الوطني وأصحاب فكرة الهيئة الجديدة عن التعنّت والأنانية وحبّ الظهور،وأن نراهم بثوب وطني حقيقي في الأيام القادمة،وأن يعلموا أنّ رقابهم ستحمل وزراً من دمائنا في حال أساؤوا لوحدة الصف ودعم الثورة مجدداً. كما نرجو أن يستفيد التشكيل الجديد في حال تم الاتفاق عليه من خبرة المجلس الوطني وخصوصاً من أخطائه كي لا يقع  فيها بعد أن أحصوها وعابوها عليه.

محمد اللادقاني